01000087892

تضخم البروستاتا الحميد (BPH) هو حالة شائعة بين الرجال مع التقدم في العمر، وتحدث نتيجة زيادة حجم غدة البروستاتا بشكل غير سرطاني. معظم المقالات والدراسات الطبية تركز على الأعراض الجسدية مثل صعوبة التبول أو تكراره الليلي أو التقطير البولي بعد الانتهاء، لكن جانبًا مهمًا للغاية يُهمل في النقاش العام: التأثيرات النفسية والاجتماعية لهذه الحالة.

قد يظن البعض أن تضخم البروستاتا الحميد مجرد مشكلة بولية مزعجة، لكنها في الحقيقة قد تؤثر بعمق على جودة حياة الرجل وصحته النفسية وعلاقاته الاجتماعية والأسرية. في هذه المقالة سنستعرض هذه التأثيرات، ولماذا تعتبر التوعية بهذه الجوانب ضرورية، وكيفية إدارة الحالة من منظور نفسي واجتماعي بجانب الطبي.

 

الأثر على الثقة بالنفس

واحدة من أهم المشكلات التي يسببها تضخم البروستاتا الحميد هي انخفاض الثقة بالنفس. قد يشعر الرجل بالخجل أو الإحراج بسبب الأعراض مثل الحاجة الملحّة والمتكررة للتبول أو التسرب البولي. هذا الإحراج قد يدفعه إلى الحد من أنشطته الاجتماعية أو رفض السفر أو حتى حضور الاجتماعات الطويلة.

البعض يخشى أن يبدو “كبيرًا في السن” أو “مريضًا” في عيون الآخرين، فيتجنب طلب المساعدة الطبية، ما يؤدي إلى تفاقم الأعراض.

 

التأثيرات على العلاقات الزوجية

تضخم البروستاتا الحميد قد يؤثر على العلاقة الزوجية بشكل غير مباشر. التبول المتكرر ليلاً يؤدي إلى اضطراب النوم لكلا الزوجين، ما يسبب التوتر والعصبية. كما قد يرتبط التضخم أحيانًا بضعف الانتصاب أو مشاكل جنسية أخرى بسبب العوامل الهرمونية أو القلق الناتج عن الحالة.

قلة من الرجال يجرؤون على فتح هذا الموضوع مع شريكاتهم، ما يزيد من سوء الفهم أو التباعد العاطفي.

 

العزلة الاجتماعية والخوف من الحرج

كثير من المرضى يقررون تجنب المناسبات العامة، الرحلات الطويلة، أو حتى الصلاة في المساجد أو الكنائس خوفًا من الحاجة المفاجئة للتبول.
هذه العزلة قد تزيد من خطر الاكتئاب والشعور بالوحدة، خاصة لدى كبار السن الذين يكون التواصل الاجتماعي مهمًا جدًا لهم.

 

العبئ النفسي المستمر

الأعراض المزمنة مثل الشعور بعدم تفريغ المثانة بالكامل، أو الحاجة للذهاب للحمام عدة مرات في الليل، تولد قلقًا دائمًا. هذا القلق قد يؤدي إلى اضطرابات النوم، تقلبات المزاج، وصعوبة في التركيز بالعمل أو الدراسة.

 

التأثيرات الاقتصادية

من الجوانب الأقل مناقشة أيضًا التأثير المالي. المريض قد يحتاج إلى علاجات أو زيارات طبية متكررة، أو حتى جراحات مثل الاستئصال الجزئي للبروستاتا أو القسطرة المتكررة.
هذه التكاليف قد تكون عبئًا نفسيًا وماديًا على المريض وأسرته، خصوصًا في الأنظمة الصحية التي لا تغطي كل التكاليف.

 

أهمية التوعية وكسر وصمة العيب

أحد أكبر التحديات أن كثيرًا من الرجال يعتبرون مشاكل التبول موضوعًا محرجًا لا يناسب الحديث عنه، حتى مع الطبيب. لذلك يعانون في صمت.
التوعية العامة ضرورية لتشجيع الرجال على الفحص المبكر، شرح أن تضخم البروستاتا الحميد حالة شائعة جدًا وقابلة للعلاج.

التوعية يجب أن تستهدف الزوجات أيضًا، لتشجيع الدعم والتفهم بدلاً من الغضب أو التذمر من الأعراض المزعجة.

 

أهمية الدعم النفسي

علاج تضخم البروستاتا الحميد لا يجب أن يقتصر على الدواء أو الجراحة. الدعم النفسي جزء مهم من العلاج. مشاركة المريض في مجموعات دعم، أو جلسات إرشاد نفسي، قد تساعده على التعامل مع التوتر أو القلق.
حتى الدعم العائلي البسيط، عبر الاستماع بتفهم، قد يحدث فارقًا كبيرًا.

 

الحلول الطبية ودور الأشعة التداخلية

بالطبع، التحكم بالأعراض ضروري لتقليل التأثيرات النفسية والاجتماعية.
العلاجات تتنوع بين الأدوية التي تقلل من حجم البروستاتا أو ترخي عضلاتها، والجراحات التقليدية، والتقنيات الحديثة مثل الأشعة التداخلية (قسطرة شرايين البروستاتا).

الأشعة التداخلية تمثل خيارًا مميزًا لأنها أقل تدخلًا جراحيًا، تتم عادة بتخدير موضعي، بفترة نقاهة قصيرة جدًا، ومضاعفات أقل.
لذلك فهي تقلل العبء النفسي على المريض، وتعيده لحياته الطبيعية سريعًا، ما يحد من القلق والعزلة.

 

التوصيات

  • التحدث مع الطبيب في وقت مبكر وعدم الانتظار حتى تتفاقم الأعراض.
  • دعم الزوجة والأسرة مهم جدًا.
  • الاعتراف بأن الصحة النفسية جزء من العلاج.
  • مناقشة كل خيارات العلاج مع الطبيب، بما في ذلك الأشعة التداخلية كخيار آمن وفعال.
  • عدم الخجل من طرح الأسئلة أو طلب المساعدة.

 

تضخم البروستاتا الحميد ليس فقط مرضًا جسديًا، بل له أبعاد اجتماعية ونفسية عميقة قد تؤثر على حياة الرجل بأكملها. التوعية بهذه الجوانب، ودعم المرضى نفسيًا واجتماعيًا، واللجوء إلى العلاجات الحديثة مثل الأشعة التداخلية، كلها عوامل تساعد على تحسين حياة المريض وتمكينه من التمتع بصحة أفضل جسديًا ونفسيًا.