01000087892

تضخم البروستاتا الحميد وعلاجه بالأشعة التداخلية تطور طبي يحسّن جودة حياة المرضى

يُعد تضخم البروستاتا الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia – BPH) من أكثر الأمراض شيوعًا بين الرجال، خصوصًا بعد تجاوزهم سن الخمسين.

وعلى الرغم من أن هذا التضخم لا يُعد حالة سرطانية، إلا أنه قد يؤثر بشكل كبير على نمط الحياة اليومية وجودتها، نتيجة الضغط الذي تُحدثه البروستاتا المتضخمة على مجرى البول، مما يؤدي إلى أعراض بولية مزعجة ومتكررة.

في السنوات الأخيرة، شهدت وسائل العلاج تطورًا ملحوظًا، وأصبح العلاج بالأشعة التداخلية (Prostatic Artery Embolization – PAE) خيارًا حديثًا وفعّالًا، يوفّر للمرضى بديلاً آمنًا وغير جراحي لعلاج التضخم، دون الحاجة إلى فتح جراحي أو تخدير كلي.

في هذا المقال، نُسلّط الضوء على المرض وأعراضه ومضاعفاته، ونتناول بالتفصيل كيف يُسهم العلاج بالأشعة التداخلية في تحسين حالة المريض بشكل فعّال.

 

ما هي البروستاتا؟

البروستاتا هي غدة صغيرة بحجم حبة الجوز، تقع أسفل المثانة البولية مباشرة، وتُحيط بالإحليل – وهو القناة التي يمر عبرها البول من المثانة إلى خارج الجسم. تتمثل الوظيفة الرئيسية للبروستاتا في إفراز جزء من السائل المنوي الذي يُغذّي ويحمي الحيوانات المنوية.

مع التقدم في العمر، تبدأ البروستاتا بالنمو تدريجيًا لدى معظم الرجال، وقد يصل هذا النمو إلى حد يضغط فيه على الإحليل، مما يؤدي إلى أعراض بولية مزعجة.

 

ما أسباب تضخم البروستاتا الحميد؟

حتى الآن، لا يوجد سبب واحد مؤكد لحدوث تضخم البروستاتا الحميد، ولكن هناك عدة عوامل ترتبط بهذه الحالة، من أبرزها:

التغيرات الهرمونية المرتبطة بالعمر: يُعتقد أن الخلل في توازن هرموني التستوستيرون والإستروجين يلعب دورًا في نمو البروستاتا.

زيادة هرمون DHT: وهو أحد مشتقات التستوستيرون، وله تأثير مباشر على نمو أنسجة البروستاتا.

العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للإصابة قد يرفع من احتمالية الإصابة.

السمنة وقلة النشاط البدني: وهما من العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة أو تفاقم الأعراض.

 

أعراض تضخم البروستاتا الحميد

تظهر أعراض تضخم البروستاتا بشكل تدريجي، وتختلف شدّتها من شخص إلى آخر. وتشمل أبرز الأعراض ما يلي:

ضعف في تدفق البول أو تقطّعه

الشعور بعدم إفراغ المثانة بالكامل

التردد البولي، خاصة أثناء الليل (التبول الليلي المتكرر)

صعوبة في بدء التبول

الشعور بالإلحاح البولي المفاجئ

في الحالات المتقدمة، قد يؤدي التضخم إلى احتباس بولي حاد، وهي حالة طارئة تتطلب تدخلاً فوريًا.

 

المضاعفات المحتملة لتضخم البروستاتا

في حال إهمال العلاج، قد يتطور الأمر إلى مضاعفات أكثر خطورة، منها:

التهابات بولية متكررة

تكوّن حصوات في المثانة

ضعف عضلة المثانة

تلف في الكلى بسبب الضغط المرتفع المستمر

ولهذا، فإن التشخيص المبكر واختيار العلاج المناسب أمر في غاية الأهمية.

 

الخيارات العلاجية التقليدية

تبدأ الخطوات العلاجية عادةً بالتغيير في نمط الحياة وتناول الأدوية التي تساعد على تخفيف الأعراض، مثل:

أدوية مرخّية للعضلات المحيطة بالإحليل (Alpha-blockers)

أدوية تُقلّص حجم البروستاتا (5-alpha reductase inhibitors)

ولكن هذه الأدوية قد لا تكون فعالة لجميع المرضى، وقد تُسبب آثارًا جانبية مزعجة مثل ضعف الانتصاب أو انخفاض الرغبة الجنسية.

وفي الحالات التي لا تستجيب للأدوية، كان الحل سابقًا هو التدخل الجراحي التقليدي، مثل الاستئصال الجزئي للبروستاتا عبر الإحليل (TURP). ورغم فعالية هذه العمليات، إلا أنها تحمل معها مخاطر التخدير ومضاعفات ما بعد الجراحة مثل النزيف الذى قد يكون خطيرا أو سلس البول أو القذف العكسي.

 

العلاج بالأشعة التداخلية: حل عصري وآمن

العلاج بالأشعة التداخلية لتضخم البروستاتا يُعد من أكثر العلاجات حداثة وتطورًا، وهو خيار مثالي للمرضى الذين لا يناسبهم العلاج الجراحي أو يرغبون في تجنب مخاطره.

كيف يتم العلاج؟

يُجرى العلاج عن طريق تدخل دقيق يتم تحت إشراف طبيب متخصص في الأشعة التداخلية، حيث يُدخل الطبيب قسطرة صغيرة جدًا من خلال شريان الفخذ أو الرسغ، ويقوم بتوجيهها بدقة نحو الشرايين المُغذية للبروستاتا.

بعد ذلك، يُحقن الطبيب مواد دقيقة (حبيبات صغيرة جدًا) داخل هذه الشرايين، مما يؤدي إلى إغلاقها وتقليل تدفق الدم نحو أنسجة البروستاتا، وبالتالي تنكمش أنسجة الغدة المتضخمة مع الوقت، وتتحسّن الأعراض بشكل ملحوظ .

 

مميزات العلاج بالأشعة التداخلية

إجراء غير جراحي: لا توجد حاجة لفتح جراحي أو تخدير كلي.

نسبة نجاح مرتفعة: تصل إلى أكثر من 90%

عودة سريعة للحياة الطبيعية: يُمكن للمريض الخروج في نفس اليوم أو اليوم التالي، ويستأنف نشاطه خلال أيام.

لا يتم تركيب قسطرة بول أثناء الأشعه التداخليه

انخفاض معدل المضاعفات: لا يؤثر على الوظائف الجنسية أو القذف، وهي ميزة مهمة مقارنة بالجراحة التقليدية.

آمن لمرضى القلب أو السكري: حيث لا يُمثل خطورة على المرضى الذين يُمنعون من الجراحة بسبب أمراض مزمنة.

 

لمن يُنصح بالعلاج بالأشعة التداخلية؟

المرضى الذين لا يشعرون بتحسّن مع العلاج الدوائي

مَن لا يستطيعون الخضوع للجراحة بسبب مشاكل صحية

مَن يفضلون حلًا أقل تدخلاً وأكثر أمانًا

المرضى الذين يعانون من تضخم كبير في البروستاتا ويبحثون عن حل فعّال طويل الأمد

 

كلمة أخيرة

إن تضخم البروستاتا الحميد ليس مرضًا خطيرًا بحد ذاته، لكن تجاهله قد يؤدي إلى مضاعفات تُؤثّر سلبًا على حياة المريض. ومع تطور الطب الحديث، لم تعد الجراحة هي الخيار الوحيد.

العلاج بالأشعة التداخلية يُمثّل نقلة نوعية في أساليب العلاج، حيث يجمع بين الأمان والفعالية، ويُقدّم للمرضى فرصة للتحسّن دون الحاجة إلى تدخلات معقدة أو فترات تعافٍ طويلة.

إذا كنت تعاني من أعراض تضخم البروستاتا، فلا تتردد في استشارة طبيب متخصص بالأشعة التداخلية؛ فقد يكون هذا العلاج هو الخيار الأمثل لحالتك.